Home » , » 3lislam اللاأدرية؛ أزمة عقل (2) الاسلام

3lislam اللاأدرية؛ أزمة عقل (2) الاسلام

Written By on Saturday 4 February 2017 |

اللاأدرية؛ أزمة عقل (2)


تحدثنا في المقال السابق عن كون أدلة الإيمان لا تنحصر في نطاق الخبرة البشرية كما يزعم اللاأدري، بل هي تتجاوز ذلك بكثير، مع التوكيد مرارًا وتكرارًا على عدم جواز تخطئة الخبرة البشرية في ذاتها، وإلا فكل علوم الدنيا تقوم على الخبرة البشرية فهل يكفر اللاأدري بهذه العلوم؟

مشكلة اللاأدري أنه يحبس نفسه داخل حالة من التوقف غير المُبرر وغير المُمنهج، فلا ينضبط لدليل ولا ينساق لحجة.

وإذا كان التأزم النفسي الشديد قد يؤدي إلى الإلحاد تخلصًا من الدين {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} (١١) سورة الحج، أو يؤدي إلى الدين تخلصًا من الإلحاد، فإن اللاأدرية تحبس صاحبها في قلب حالة التأزم- ولم يحرم هذا الموقف الشخص اللاأدري أيضًا من خسارة الدنيا والآخرة-!

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخبُّط والتوقف غير المُمنهج هو أصل كفر الكافر وأن الذي يزعم أنه لا يدري هو كاذب في زعمه؛ ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داوود وصححه الألباني أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد الكافر ... يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري، فينادي منادٍ من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها.) -1-

والشاهد من الحديث أن هذا حال اللاأدري في قبره، فهو كاذب كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فأدلة اليقين التي على مثلها آمن البشر لا حصر لها، ولذا فحجة اللاأدري داحضة عند الله يوم القيامة خاصةً وأن أدلة الإيمان استجاب لها البشر وأورثتهم اليقين التام {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد} (١٦) سورة الشورى.

واللاأدري لا يضع احتمال وصول معرفة الله إلى وجداننا بطريقة نعلمها أو لا نعلمها، فأغلق الطريق وسدّد مسالك قلبه قبل أن يأتيه الدليل، وهذه هي مرحلة "الرّان" التي حذّر منها القرآن الكريم، والتي لا تصلح معها موعظة ولا تستجب لمؤثر {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (١٤) سورة المطففين.

مع أن اللاأدري لو تدّبر أبسط بديهيات عقله لسقطت لاأدريته في جلسة، فبرهان انتقال اللاحياة إلى حياة مثلاً وهو برهان استخدمه القرآن الكريم كثيرًا في إثبات التدخل الإلهي {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} (٧٣) سورة الحج.

هذا البرهان ما زال حتى اللحظة حجة في وجه كل البشر.
ذلك أن كل علوم العالم وكل جامعات العالم وكل ما توصل إليه العالم من ذكاءٍ وتقانةٍ وضبطٍ وماكيناتٍ عملاقة لا يستطيع أن يُنتج أبسط صور الحياة!

ومع ذلك ما زال الكافر يفترض أن العشوائية أنتجت كل صور الحياة وأنتجت الفيروس والباكتريا والإنسان، في حين أننا بمكائننا العملاقة وعقولنا الجبارة لم نستطع أن ننتج أبسط صور الحياة، ثم نفترض أن العماء والصدفة قاموا بذلك.

إذا لم تكن هذه قمة السذاجة فأين تقبع قمة السذاجة؟

إن أدق الكائنات الحية على الإطلاق يقودها الغرض والهدف والغاية، وتتمتع بالوعي و تحليل المعلومات ثم إعطاء رد فعل بِناءًا على تلك المعلومات، مثلاً الأميبا Amoeba وحيدة الخلية لو جاء بجوارها غِذاء متحرك فإنها تلف أذرعها حوله بحذر حتى لا يهرب، في حين لو كان الغذاء ثابتًا لا يتحرك – حُبيبة نشا – فإنها تلتصق به دون احتراس.
والأميبا كائن وحيد الخلية بلا مخ ولا عين ولا أعصاب ولا حواس. -2-

و البويضة بعد تخصيبها تُعبِّر عن استقلالها البيولوجي ويكون لها وعي وإحساس بحقيقة أنه يمكنها التفاعل مع بيئتها، وتبدأ في الإنقسام الذاتي لخلايا يفوق في عددها نجوم مجرة درب التبانة، و لديها القدرة على تلقي المعلومة ومعالجتها والتفاعل باستقلال مع المعلومة. -3-

في المقابل لا يمكن أن يبلغ الكمبيوتر مهما اشتد تعقيده أبسط درجات الوعي في كائن وحيد الخلية كالأميبا، ومع ذلك عملية تصنيع الكمبيوتر عملية واعية وذكية للغاية وفي حدود زمان ومكان.

ولو كنّا أكثر إنصافًا فالحق أنه لا وجه للمقارنة أصلاً لأن نسبة وعي أذكي الكمبيوترات على الإطلاق تساوي صفر I.Q.=ZERO ، في مقابل أبسط عضية من عضيات الأميبا التي تتمتع بالوعي -وإصدار رد فعل بناءً على المعطيات والمعلومات- فضلاً عن الأميبا ذاتها. -4-

ومع ذلك المطلوب أن نُصدق أن اللاحياة أنشأت الأميبا والإنسان، والذكاء الإنساني لم يستطع أن يُنشيء أبسط صور الوعي.
إنه السؤال المفصلي والجوهري، بين الدين المنطقي واللاأدرية الكاذبة .

وهنا بعض معتنقي اللاأدرية قد يقولون: حسنًا ما سبق جيد؛ لكن كيف تطالبوننا بالإيمان بخالق لا نعرف عن جوهره شيئًا ثم تقولون لنا: ليس كمثله شيء؟

وهذا من انطماس بصائر اللاأدرية فعدم معرفة جوهر الشيء لا تعني انتفاء وجوده، فنحن لم نعرف جوهر المادة ذاتها حتى الآن، فهل نُنكر وجود المادة؟

والإنسان يستطيع الإيمان بالأشياء المجردة والمطلقة دون القدرة على الإحاطة التامة بها، فالعقل الإنساني يستطيع أن يصل إلى حتمية وجود قوة إلهية خارجة عن أبعاد الكون التي يعهدها.

بل إن تشارلز داروين نفسه يقرر أن الدين قضية عقلية محترمة يتبعها عقلاء ومفكرون عبر كل العصور فيقول: " أما وجود حاكم للكون فهذا مما دانت به جموع من أعظم العقول التي وُجدت على الإطلاق". -5-

فأغلب البشر يؤمنون بالله تبعًا للفطرة الداخلية دون إعمال كثير عقل ويتبعون الدين السائد. والله يفصل بينهم يوم القيامة، ومن الناس مَن يُعمل عقله فيهتدي أو ينحرف حسب درجة البحث ومصداقيته.

وخارج كل هذا تربض اللاأدرية بلا مستندٍ ولا ركيزةٍ ولا معنى!

هوامش المقال
--------------------------------------
1- أحكام الجنائز، الألباني، ص 156
2- http://ift.tt/1PXJRWh
3- http://ift.tt/2lafj94
4- Russell, Stuart J.; Norvig, Peter
(2003), pp. 958–960 Artificial Intelligence: A Modern Approach
5- Darwin, Charles (1902) The Descent of Man, p.131
 



الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام

اللاأدرية؛ أزمة عقل (2), اللاأدرية؛ أزمة عقل (2), اللاأدرية؛ أزمة عقل (2), اللاأدرية؛ أزمة عقل (2), اللاأدرية؛ أزمة عقل (2)

المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2jNzw7O
via موقع الاسلام

from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2k9daty
via IFTTT

0 comments:

Post a Comment

Total Pageviews

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات
Powered by Blogger.

Search This Blog