1435الزواج من أهل الكتاباسلام
Written By on Friday, 2 January 2015 |
الزواج من أهل الكتاب
إن الله شرع للناس النكاح وحثهم عليه ليأنس بعضهم ببعض ويستمتع بعضهم ببعض بما أحل الله لهم , وليتكاثروا في الأرض فيخلف بعضهم بعضا , قال تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) النساء(3) , فجعل الخيار في التعدد للرجل تقديرا يقدره لنفسه فإن كان ممن يملك القدرة في العدل و المال والصحة على تحمل تبعات التعدد فله أن يتزوج من واحدة إلى أربع ومن وجد من نفسه ضعفا فالأولى أن لا يتجاوز حدود مقدرته , و قال تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء(24) , وسمى الزواج في هذه الآية استمتاع بين الرجل والمرأة , فما يقع بينهما من معاشرة وذرية ومودة ومساكنة ومرافقة وخدمة في هذه الحياة الدنيا فكلها تقع تحت مسمى المتعة الزوجية وهذا كله من متاع الدنيا الذي يتحصل بالزواج , وقال تعالى (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة (223) , وسمى الله الزوجة بالحرث مشابهة لتربة الزرع أي أن ما يضعه الرجل من ماء في فرج زوجته فهو بمثابة بذرة يبذرها في تربة خصبة لينبت به زرعا ليتخلق وينمو فيكون بشرا بأذن الله , وهذا لا يكون إلا إذا وضع في مكانه الصحيح أي في رحم المرأة الحلال وهو موضع الولد .
إن المرأة في أي بلد كانت وتحت أي معتقد تعتنقه لا تختلف في خلقتها عن أي امرأة أخرى في أي مكان , أي أن المعتقد لا يغير في خلقتها ولا يزيد في تكوينها عن أي امرأة أخرى , فالنساء متماثلات في الخلقة مع اختلاف في بعض الأوصاف في كونها جميلة حسناء والأخرى دون ذلك وثانية طويلة والأخرى قصيرة فالاختلافات بينهن لا تتعدى التفاوت في مراتب الحسن والأوصاف الجمالية , ولكن من حيث التكوين فكلهن نساء متساويات في الخلقة يحملن ويلدن وصفات الأنوثة والتركيب لديهن واحدة , وقد تجد في النساء الكافرات الجميلات والحسناوات وفي المسلمات تجد مثل ذلك والعكس كذلك صحيح , فصفات الجمال متواجدة في كل الأجناس كانوا مسلمين أو غير مسلمين , ولكن الاختلاف الذي قرره الشرع وعليه يكون اعتماد التمايز وسبب التباين بين البشر هو مدى التمسك بالدين , فالشرع يجبر المسلم أن يتوقف عند اختيار شريكة حياته ويوجب عليه شرعا نوعا معينا من النساء وهن اللواتي يعتقدن عقيدة الإسلام الصحيحة قال تعالى ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة (221) , فكان الأصل الذي يختار عليه المسلم شريكة حياته هو الدين إن كانت حسناء أو غير ذلك وليس الوصف حتى لا يؤدي هذا الاختلاف إلى خلخلة في الأسرة , مما يؤدي لا محالة إلى انشقاق ثم انحراف إلى عقائد المشركين , فلا يحل للمسلم ولا للمسلمة أن يرتبط أحدهما بمشرك , ولا يجب أن يرتضي إلا بمسلم سليم العقيدة من الشرك ولو أدعى الإسلام , فلو كان مقيما على أفعال الشرك من ذبح وطواف ونذر وغيره فإنه يدخل في الآية ويمنع من المناكحة ولا تؤكل ذبيحته ولا يرث المسلمون منه شيء.
ولكن الشرع أستثنى للرجال الزواج من غير نساء المسلمين أي من نساء أهل الكتاب الذين يدينون بالكتابين التوراة والأنجيل أي اليهود والنصارى قال تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة (5) , فأحل الله لنا طعامهم وذبائحهم ونسائهم على شرط السلامة من الشرك و الإحصان والعفة , وشرط السلامة من الشرك هو شرط هام في أهل الكتاب وحتى في المسلمين .
ولكن لا بد من معرفة منهم اليهود ومنهم النصارى الذين قصدهم الله في كتابه فهل هم كل فرقة تنتسب إلى اليهودية أتباع موسى عليه السلام أو إلى النصرانية أتباع عيسى عليه السلام ويعدون من أهل الكتاب , أم المقصود هم أصل الملة الباقية على التوحيد من أهل الكتاب , فإن من المعلوم أن أهل التوراة من اليهود لم يذكرهم الله بشرك إلا الفئة التي اتخذت عزيرا إله وقالت إن عزيرا أبن الله ومن كان أبن لله فهو عندهم إله قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) التوبة (30) , فهذه الفرقة كفرت بسبب اتخاذ عزير ابن لله وجعلت مع الله إله أخر يكون قد ولد له , وهذا كذب وبهتان عظيم وافتراء على الله , فكان قولهم واعتقادهم هذا كفر من هذه الفرقة أخرجتهم من كتابهم التوراة ومن ملتهم فلم يعودوا أهل كتاب فلا يوجد في التوراة ما يدل على معتقدهم الباطل فهم ليسوا أتباع التوراة , فهم فرقة تنسب نفسها لليهودية وليست هي منها فلا يجوز حتى لليهود قبل بعثة عيسى عليه السلام أن ينكح اليهودي امرأة تدين بهذا المعتقد وهؤلاء في شرع اليهود كفرة لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم , أما كفر اليهود الأصليين الموحدين منهم , فهو كفر استكبار وعناد فهم رفضوا التحول عن دينهم ومتابعة عيسى عليه السلام بعد بعثته مع أنه قد ذكر في كتبهم , وكذلك رفضوا ترك دينهم بعد رفع عيسى عليه السلام وظهور بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به وهو أخر الأنبياء وهو كذلك مذكور عندهم , والعجيب في الأمر أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي قدم إليهم في دارهم في المدينة مدينة الأنصار وكانوا من قبل ينتظرون خروجه , فلما جاءهم ومكث بينهم ودعاهم إلى الإيمان كفروا به , بل لم يتكلفوا حتى الذهاب إليه حينما كان في مكة ليتحققوا من رسالته والسبب هو أنه حينما تبين لهم أنه من العرب أي لم يكن من بني إسرائيل كفروا به , فكفرهم ليس إلا بسبب عنادهم واستكبارهم فهم لا يزالون على التوحيد على ما دخل في شريعتهم من تغيير وحذف , وهم يعبدون الله وحده ويعتقدون أن موسى عليه السلام نبي مرسل هو وأخاه هارون وليس إله وأن كتابهم منزل وهو التوراة ولكن سبب كفرهم هو رفضهم التحول إلى شريعة أخرى وليس الشرك منزلة قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) البقرة (91) , فهم لا يقبلون شريعة غير الذي جاء بها موسى عليه السلام بل يدعون كاذبين أنه لم ينزل كتاب أخر بعد التوراة , قال تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) الأنعام ( 91) أي أن الذي أنزل الكتاب على موسى قد أنزل غيره من قبله ومن بعده وفيه من الهدى والخير مثل ما في التوراة , فكفرهم هو كفر بالرسل والكتب من بعد موسى عليه السلام , وتعد الفرق التي خرجت بعد موسى عليه السلام إحدى وسبعين فرقة كما جاء في الحديث كلها في النار إلا واحدة أي ما كانت على هدي موسى عليه السلام إلى بعثة عيسى عليه السلام هي الفرقة الناجية.
أما النصارى فهم فرق كثيرة تقرب من أثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة أي من كان على هدي عيسى عليه السلام وأنصاره الحواريين إلى بعثة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم , قال تعالى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران ( 52) , فلما دعا عيسى بني إسرائيل إلى الإيمان به أمنت طائفة منهم وكفرت طائفة أي أنقسم بنو إسرائيل إلى فرقتين قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) الصف(14) , فمن كفر منهم من اليهود هم أهل كتاب باقين تحت هذا المسمى ونعني الطائفة الذين لم يقعوا في الشرك أما المؤمنين منهم فهم نصارى عيسى عليه السلام, فمن كان مؤمنا منهم بأن عيسى هو نبي الله والإنجيل كتاب الله ولا يشرك بالله أحدا فهو من أهل الكتاب وهو مؤمن إلى وقت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبعد بعثته فالطائفتين أي اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم والباقين على التوحيد هم أهل الكتاب المعنيين في القرآن , وأما كفر النصارى بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان السبب لرفضهم كذلك التحول و متابعة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وقد كان مذكورا عندهم في كتبهم ولكن استكبارهم واستعلائهم منعهم من الإيمان إلا قليلا منهم , قال تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الصف (6) , فلم تقبل بني إسرائيل بنبوة عيسى عليه السلام ولا أن يكون نبيا عليهم ولم يقبلوا بالبشارة بأنه سيعقبه نبي أسمه أحمد , فكان كفرهم هو رفض لشريعة الله الخاتمة ورفض لكل ما يخالف هوى أنفسهم قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) البقرة ( 87) .
إن الحق في بقاء دين أهل الكتاب على الأصل هو تحقيق التوحيد والاعتقاد الكامل بأركان الإيمان في فترة نبيهم فمن أخل بالتوحيد وأشرك بالله فقد فارق المسمى بالكامل وصار دينا أخر لا علاقة له بالأصل وإن زعم ذلك فإن الشرك يهدم كل متعلق بالدين الأصلي قال تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام (88), وقال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ) التوبة (17) , وإن كان الخلل في أركان الإيمان مع السلامة من الشرك فقد أصبح فرقة ذات منهج مختلف عن أصل الدين ولكن يبقى تحت المسمى ولو كان خلله كفرا مخرجا عن الملة ولكن لا يخرج عن مسمى الفرقة التابعة للأصل , وإن ظهر على تلك الفرقة الشرك صريحا فقد أصبح دينا مختلفا عن الأصل ولا يجوز للمسلم أن ينكح نسائهم ولا أن يأكل ذبائحهم , كمن وحد الله وصام وصلى ممن يدعي الإسلام ولم يؤمن بالأنبياء التي سبقت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمسلم بل هو من الفرق الضالة وإن كان على التوحيد ولكن يبقى فرقة من فرق الإسلام الخارجة , وإذا أضاف إلى ضلاله شرك وفقد التوحيد فقد خرج عن مسمى الإسلام ولم يعد حتى من تلك الفرق المنتسبه وإن أدعى ذلك زورا فالشرك يهدم كل عمل ويخرجه من المسمى , لذلك مشركي العرب لما يجمعوا بين التوحيد والشرك فهذا معلوم لمن له عقل عندهم أنه لا يجتمع توحيد وشرك أبدا , لذلك تعجبوا قال تعالى (وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص , أي كيف يوحد الآلهة فيجعلهم إله واحد في السماء وينفي عنه الشرك في الأرض ونحن نشركها جميعها مع الله , أما المنافقين فلا مانع لديهم من خلط العقائد بين توحيد وشرك للزيادة في التلاعب وتضليل الناس .
أما من ثبت على اليهودية الموحدة التي تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتؤمن بالتوراة ولكن لا تؤمن بالأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى , فهؤلاء باقين على اليهودية ويدخلون تحت مسمى أهل الكتاب , مع كفرهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) البقرة , فكل من ترك الإيمان بالرسل وهو ركن واحد من أركان الإيمان فقد بطل إيمانه ولم يصح إسلامه , فكيف بمن أشرك بالله فهذا قطعا لا يمت لتلك الأديان بصلة بل هو خارج عنها , وكيف بمن أدعى أنه نصراني وهو يزعم أن عيسى هو الله أو أن عيسى ثالث ثلاثة قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) المائدة , فأصحاب هذه العقائد مشركين كفار خارجين عن مسمى النصارى وليسوا هم من أهل الكتاب المعنيين في كتاب الله وليسوا من الحواريين .
إن أهل الكتاب هم من كانوا على أصل دعوة أنبيائهم في عقيدة التوحيد فإذا خرجوا عن ذلك فليسوا أهل كتاب قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران(64) , وكلمة سواء أي كلمة متفقين على قولها وهي دعوة كل نبي من قبل أن تكون العبادة لله خالصة من الشرك وهذه دعوة الرسل جميعهم , وهذه الآية فيها إثبات التوحيد في شريعتهم النقية التي لم يخالطها الشرك بعد وعلى أنها دعوة واحدة ورسالة واحدة من الله ولم يبقى عليهم إلا الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم والانضمام لأمة الإسلام وإتباع تعاليم القرآن , فمنهم من أمن ومنهم من تولى واستكبر مثل اليهود , قال تعالى (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) , أي وصلنا لهم شريعتهم بشريعة أخرى ليبقوا متذكرين تعاليم الله , ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) أي أصحاب الكتب السابقة , ( وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) (53) فلما سمعوا كلام الله المنزل أمنوا وأقروا أنه من عند الله وأنهم مسلمين قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم , (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54) القصص , فمن أمن من أهل الكتاب فقد وصل كتابه السابق بالكتاب الذي بعده فصار على هدى من الله وأنتقل من خير إلى خير ونال حظا وافرا وأجرا من شريعتين سماويتين وأدرك نورين من عند الله وأجر عظيم .
إن أهل الكتاب هم من كانوا على التوحيد متمسكين بشريعتهم القديمة النقية ثابتين عليها وقد أمتدحهم الله في كتابه حينما بلغتهم الدعوة وأمنوا قال تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ )(84) المائدة , وهذا يدل على وجود بقايا موحدة بعد عيسى عليه السلام , فمن أمن بالله ربا وبنبيه المبعوث فيهم نبيا لا إلها وبكتابه كتابا سماويا منزلا فهو من أهل الكتاب , أما من يسمون أنفسهم مسيحيين أو نصارى وهم يغلون في عيسى عليه السلام على أنه إله أو أبن إله أو أن الله ثالث ثلاثة فهؤلاء كفار مشركون وثنيون صليبيون وكنائسهم معابد وثنية لا تمت للنصرانية الأولى بصلة وشعارهم الصليب هو وثن يعبد من دون الله , فعلى ذلك لا يجوز الزواج من نسائهم المشركات ولا أكل ذبائحهم ولا ينطبق عليهم شيء من أحكام أهل الذمة بل هم مشركون وثنيون كما كانت عليه قريش قبل الإسلام , حيث أنهم كانوا يدعون أنهم على ملة إبراهيم الخليل عليه السلام ويعدون أنفسهم سدنة بيت الله الذي رفع بنائه إبراهيم عليه السلام وأبنه الذبيح إسماعيل عليه السلام ويحجون ويعتمرون ويطوفون بالبيت ويعظمونه , وأن هم وأبنائهم من سلالته , ومع ذلك عدهم الله أهل أوثان نجس مشركون لم تكن تحل نسائهم ولا ذبائحهم , فكيف بمن يدعيه هؤلاء الوثنيون أنهم أهل كتاب , بل لا يجوز في الإسلام ذبائح من تلطخ بالشرك من دعاء وطواف ونذر ممن يدعي الإسلام ويتلفظ بالشهادتين , وهم يحجون ويصلون ويتصدقون وفي الحقيقة أنهم على غير ملة الإسلام مهما فعلوا بسبب الشرك الواقعين فيه الذي أبطل أعمالهم , فمن كان على الملة الأولى من اليهود والنصارى فهم أهل الكتاب المعنيون في القرآن ومن أدخل الشرك على دينه كالذي نراهم اليوم فهم ليسوا أهل كتاب , لذلك في أخر الزمان ينزل عيسى عليه السلام ليبطل معتقد الوثنية المسمى بالمسيحية فلا يقبل عيسى منهم الجزية ويكسر الصليب رمز الوثنية ويقتل الخنزير لأنهم ليسوا أهل كتاب ولا يعدهم أتباع له ... والله أعلم ... والحمد لله رب العالمين .
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1BoOpvz
via موقع الاسلام
الزواج من الكتابيات
إن الله شرع للناس النكاح وحثهم عليه ليأنس بعضهم ببعض ويستمتع بعضهم ببعض بما أحل الله لهم , وليتكاثروا في الأرض فيخلف بعضهم بعضا , قال تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) النساء(3) , فجعل الخيار في التعدد للرجل تقديرا يقدره لنفسه فإن كان ممن يملك القدرة في العدل و المال والصحة على تحمل تبعات التعدد فله أن يتزوج من واحدة إلى أربع ومن وجد من نفسه ضعفا فالأولى أن لا يتجاوز حدود مقدرته , و قال تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء(24) , وسمى الزواج في هذه الآية استمتاع بين الرجل والمرأة , فما يقع بينهما من معاشرة وذرية ومودة ومساكنة ومرافقة وخدمة في هذه الحياة الدنيا فكلها تقع تحت مسمى المتعة الزوجية وهذا كله من متاع الدنيا الذي يتحصل بالزواج , وقال تعالى (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة (223) , وسمى الله الزوجة بالحرث مشابهة لتربة الزرع أي أن ما يضعه الرجل من ماء في فرج زوجته فهو بمثابة بذرة يبذرها في تربة خصبة لينبت به زرعا ليتخلق وينمو فيكون بشرا بأذن الله , وهذا لا يكون إلا إذا وضع في مكانه الصحيح أي في رحم المرأة الحلال وهو موضع الولد .
إن المرأة في أي بلد كانت وتحت أي معتقد تعتنقه لا تختلف في خلقتها عن أي امرأة أخرى في أي مكان , أي أن المعتقد لا يغير في خلقتها ولا يزيد في تكوينها عن أي امرأة أخرى , فالنساء متماثلات في الخلقة مع اختلاف في بعض الأوصاف في كونها جميلة حسناء والأخرى دون ذلك وثانية طويلة والأخرى قصيرة فالاختلافات بينهن لا تتعدى التفاوت في مراتب الحسن والأوصاف الجمالية , ولكن من حيث التكوين فكلهن نساء متساويات في الخلقة يحملن ويلدن وصفات الأنوثة والتركيب لديهن واحدة , وقد تجد في النساء الكافرات الجميلات والحسناوات وفي المسلمات تجد مثل ذلك والعكس كذلك صحيح , فصفات الجمال متواجدة في كل الأجناس كانوا مسلمين أو غير مسلمين , ولكن الاختلاف الذي قرره الشرع وعليه يكون اعتماد التمايز وسبب التباين بين البشر هو مدى التمسك بالدين , فالشرع يجبر المسلم أن يتوقف عند اختيار شريكة حياته ويوجب عليه شرعا نوعا معينا من النساء وهن اللواتي يعتقدن عقيدة الإسلام الصحيحة قال تعالى ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة (221) , فكان الأصل الذي يختار عليه المسلم شريكة حياته هو الدين إن كانت حسناء أو غير ذلك وليس الوصف حتى لا يؤدي هذا الاختلاف إلى خلخلة في الأسرة , مما يؤدي لا محالة إلى انشقاق ثم انحراف إلى عقائد المشركين , فلا يحل للمسلم ولا للمسلمة أن يرتبط أحدهما بمشرك , ولا يجب أن يرتضي إلا بمسلم سليم العقيدة من الشرك ولو أدعى الإسلام , فلو كان مقيما على أفعال الشرك من ذبح وطواف ونذر وغيره فإنه يدخل في الآية ويمنع من المناكحة ولا تؤكل ذبيحته ولا يرث المسلمون منه شيء.
ولكن الشرع أستثنى للرجال الزواج من غير نساء المسلمين أي من نساء أهل الكتاب الذين يدينون بالكتابين التوراة والأنجيل أي اليهود والنصارى قال تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة (5) , فأحل الله لنا طعامهم وذبائحهم ونسائهم على شرط السلامة من الشرك و الإحصان والعفة , وشرط السلامة من الشرك هو شرط هام في أهل الكتاب وحتى في المسلمين .
ولكن لا بد من معرفة منهم اليهود ومنهم النصارى الذين قصدهم الله في كتابه فهل هم كل فرقة تنتسب إلى اليهودية أتباع موسى عليه السلام أو إلى النصرانية أتباع عيسى عليه السلام ويعدون من أهل الكتاب , أم المقصود هم أصل الملة الباقية على التوحيد من أهل الكتاب , فإن من المعلوم أن أهل التوراة من اليهود لم يذكرهم الله بشرك إلا الفئة التي اتخذت عزيرا إله وقالت إن عزيرا أبن الله ومن كان أبن لله فهو عندهم إله قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) التوبة (30) , فهذه الفرقة كفرت بسبب اتخاذ عزير ابن لله وجعلت مع الله إله أخر يكون قد ولد له , وهذا كذب وبهتان عظيم وافتراء على الله , فكان قولهم واعتقادهم هذا كفر من هذه الفرقة أخرجتهم من كتابهم التوراة ومن ملتهم فلم يعودوا أهل كتاب فلا يوجد في التوراة ما يدل على معتقدهم الباطل فهم ليسوا أتباع التوراة , فهم فرقة تنسب نفسها لليهودية وليست هي منها فلا يجوز حتى لليهود قبل بعثة عيسى عليه السلام أن ينكح اليهودي امرأة تدين بهذا المعتقد وهؤلاء في شرع اليهود كفرة لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم , أما كفر اليهود الأصليين الموحدين منهم , فهو كفر استكبار وعناد فهم رفضوا التحول عن دينهم ومتابعة عيسى عليه السلام بعد بعثته مع أنه قد ذكر في كتبهم , وكذلك رفضوا ترك دينهم بعد رفع عيسى عليه السلام وظهور بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به وهو أخر الأنبياء وهو كذلك مذكور عندهم , والعجيب في الأمر أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي قدم إليهم في دارهم في المدينة مدينة الأنصار وكانوا من قبل ينتظرون خروجه , فلما جاءهم ومكث بينهم ودعاهم إلى الإيمان كفروا به , بل لم يتكلفوا حتى الذهاب إليه حينما كان في مكة ليتحققوا من رسالته والسبب هو أنه حينما تبين لهم أنه من العرب أي لم يكن من بني إسرائيل كفروا به , فكفرهم ليس إلا بسبب عنادهم واستكبارهم فهم لا يزالون على التوحيد على ما دخل في شريعتهم من تغيير وحذف , وهم يعبدون الله وحده ويعتقدون أن موسى عليه السلام نبي مرسل هو وأخاه هارون وليس إله وأن كتابهم منزل وهو التوراة ولكن سبب كفرهم هو رفضهم التحول إلى شريعة أخرى وليس الشرك منزلة قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) البقرة (91) , فهم لا يقبلون شريعة غير الذي جاء بها موسى عليه السلام بل يدعون كاذبين أنه لم ينزل كتاب أخر بعد التوراة , قال تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) الأنعام ( 91) أي أن الذي أنزل الكتاب على موسى قد أنزل غيره من قبله ومن بعده وفيه من الهدى والخير مثل ما في التوراة , فكفرهم هو كفر بالرسل والكتب من بعد موسى عليه السلام , وتعد الفرق التي خرجت بعد موسى عليه السلام إحدى وسبعين فرقة كما جاء في الحديث كلها في النار إلا واحدة أي ما كانت على هدي موسى عليه السلام إلى بعثة عيسى عليه السلام هي الفرقة الناجية.
أما النصارى فهم فرق كثيرة تقرب من أثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة أي من كان على هدي عيسى عليه السلام وأنصاره الحواريين إلى بعثة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم , قال تعالى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران ( 52) , فلما دعا عيسى بني إسرائيل إلى الإيمان به أمنت طائفة منهم وكفرت طائفة أي أنقسم بنو إسرائيل إلى فرقتين قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ) الصف(14) , فمن كفر منهم من اليهود هم أهل كتاب باقين تحت هذا المسمى ونعني الطائفة الذين لم يقعوا في الشرك أما المؤمنين منهم فهم نصارى عيسى عليه السلام, فمن كان مؤمنا منهم بأن عيسى هو نبي الله والإنجيل كتاب الله ولا يشرك بالله أحدا فهو من أهل الكتاب وهو مؤمن إلى وقت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبعد بعثته فالطائفتين أي اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم والباقين على التوحيد هم أهل الكتاب المعنيين في القرآن , وأما كفر النصارى بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان السبب لرفضهم كذلك التحول و متابعة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وقد كان مذكورا عندهم في كتبهم ولكن استكبارهم واستعلائهم منعهم من الإيمان إلا قليلا منهم , قال تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الصف (6) , فلم تقبل بني إسرائيل بنبوة عيسى عليه السلام ولا أن يكون نبيا عليهم ولم يقبلوا بالبشارة بأنه سيعقبه نبي أسمه أحمد , فكان كفرهم هو رفض لشريعة الله الخاتمة ورفض لكل ما يخالف هوى أنفسهم قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) البقرة ( 87) .
إن الحق في بقاء دين أهل الكتاب على الأصل هو تحقيق التوحيد والاعتقاد الكامل بأركان الإيمان في فترة نبيهم فمن أخل بالتوحيد وأشرك بالله فقد فارق المسمى بالكامل وصار دينا أخر لا علاقة له بالأصل وإن زعم ذلك فإن الشرك يهدم كل متعلق بالدين الأصلي قال تعالى (ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام (88), وقال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ) التوبة (17) , وإن كان الخلل في أركان الإيمان مع السلامة من الشرك فقد أصبح فرقة ذات منهج مختلف عن أصل الدين ولكن يبقى تحت المسمى ولو كان خلله كفرا مخرجا عن الملة ولكن لا يخرج عن مسمى الفرقة التابعة للأصل , وإن ظهر على تلك الفرقة الشرك صريحا فقد أصبح دينا مختلفا عن الأصل ولا يجوز للمسلم أن ينكح نسائهم ولا أن يأكل ذبائحهم , كمن وحد الله وصام وصلى ممن يدعي الإسلام ولم يؤمن بالأنبياء التي سبقت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمسلم بل هو من الفرق الضالة وإن كان على التوحيد ولكن يبقى فرقة من فرق الإسلام الخارجة , وإذا أضاف إلى ضلاله شرك وفقد التوحيد فقد خرج عن مسمى الإسلام ولم يعد حتى من تلك الفرق المنتسبه وإن أدعى ذلك زورا فالشرك يهدم كل عمل ويخرجه من المسمى , لذلك مشركي العرب لما يجمعوا بين التوحيد والشرك فهذا معلوم لمن له عقل عندهم أنه لا يجتمع توحيد وشرك أبدا , لذلك تعجبوا قال تعالى (وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ص , أي كيف يوحد الآلهة فيجعلهم إله واحد في السماء وينفي عنه الشرك في الأرض ونحن نشركها جميعها مع الله , أما المنافقين فلا مانع لديهم من خلط العقائد بين توحيد وشرك للزيادة في التلاعب وتضليل الناس .
أما من ثبت على اليهودية الموحدة التي تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتؤمن بالتوراة ولكن لا تؤمن بالأنبياء الذين جاءوا من بعد موسى , فهؤلاء باقين على اليهودية ويدخلون تحت مسمى أهل الكتاب , مع كفرهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) البقرة , فكل من ترك الإيمان بالرسل وهو ركن واحد من أركان الإيمان فقد بطل إيمانه ولم يصح إسلامه , فكيف بمن أشرك بالله فهذا قطعا لا يمت لتلك الأديان بصلة بل هو خارج عنها , وكيف بمن أدعى أنه نصراني وهو يزعم أن عيسى هو الله أو أن عيسى ثالث ثلاثة قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) المائدة , فأصحاب هذه العقائد مشركين كفار خارجين عن مسمى النصارى وليسوا هم من أهل الكتاب المعنيين في كتاب الله وليسوا من الحواريين .
إن أهل الكتاب هم من كانوا على أصل دعوة أنبيائهم في عقيدة التوحيد فإذا خرجوا عن ذلك فليسوا أهل كتاب قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران(64) , وكلمة سواء أي كلمة متفقين على قولها وهي دعوة كل نبي من قبل أن تكون العبادة لله خالصة من الشرك وهذه دعوة الرسل جميعهم , وهذه الآية فيها إثبات التوحيد في شريعتهم النقية التي لم يخالطها الشرك بعد وعلى أنها دعوة واحدة ورسالة واحدة من الله ولم يبقى عليهم إلا الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم والانضمام لأمة الإسلام وإتباع تعاليم القرآن , فمنهم من أمن ومنهم من تولى واستكبر مثل اليهود , قال تعالى (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) , أي وصلنا لهم شريعتهم بشريعة أخرى ليبقوا متذكرين تعاليم الله , ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) أي أصحاب الكتب السابقة , ( وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) (53) فلما سمعوا كلام الله المنزل أمنوا وأقروا أنه من عند الله وأنهم مسلمين قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم , (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54) القصص , فمن أمن من أهل الكتاب فقد وصل كتابه السابق بالكتاب الذي بعده فصار على هدى من الله وأنتقل من خير إلى خير ونال حظا وافرا وأجرا من شريعتين سماويتين وأدرك نورين من عند الله وأجر عظيم .
إن أهل الكتاب هم من كانوا على التوحيد متمسكين بشريعتهم القديمة النقية ثابتين عليها وقد أمتدحهم الله في كتابه حينما بلغتهم الدعوة وأمنوا قال تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ )(84) المائدة , وهذا يدل على وجود بقايا موحدة بعد عيسى عليه السلام , فمن أمن بالله ربا وبنبيه المبعوث فيهم نبيا لا إلها وبكتابه كتابا سماويا منزلا فهو من أهل الكتاب , أما من يسمون أنفسهم مسيحيين أو نصارى وهم يغلون في عيسى عليه السلام على أنه إله أو أبن إله أو أن الله ثالث ثلاثة فهؤلاء كفار مشركون وثنيون صليبيون وكنائسهم معابد وثنية لا تمت للنصرانية الأولى بصلة وشعارهم الصليب هو وثن يعبد من دون الله , فعلى ذلك لا يجوز الزواج من نسائهم المشركات ولا أكل ذبائحهم ولا ينطبق عليهم شيء من أحكام أهل الذمة بل هم مشركون وثنيون كما كانت عليه قريش قبل الإسلام , حيث أنهم كانوا يدعون أنهم على ملة إبراهيم الخليل عليه السلام ويعدون أنفسهم سدنة بيت الله الذي رفع بنائه إبراهيم عليه السلام وأبنه الذبيح إسماعيل عليه السلام ويحجون ويعتمرون ويطوفون بالبيت ويعظمونه , وأن هم وأبنائهم من سلالته , ومع ذلك عدهم الله أهل أوثان نجس مشركون لم تكن تحل نسائهم ولا ذبائحهم , فكيف بمن يدعيه هؤلاء الوثنيون أنهم أهل كتاب , بل لا يجوز في الإسلام ذبائح من تلطخ بالشرك من دعاء وطواف ونذر ممن يدعي الإسلام ويتلفظ بالشهادتين , وهم يحجون ويصلون ويتصدقون وفي الحقيقة أنهم على غير ملة الإسلام مهما فعلوا بسبب الشرك الواقعين فيه الذي أبطل أعمالهم , فمن كان على الملة الأولى من اليهود والنصارى فهم أهل الكتاب المعنيون في القرآن ومن أدخل الشرك على دينه كالذي نراهم اليوم فهم ليسوا أهل كتاب , لذلك في أخر الزمان ينزل عيسى عليه السلام ليبطل معتقد الوثنية المسمى بالمسيحية فلا يقبل عيسى منهم الجزية ويكسر الصليب رمز الوثنية ويقتل الخنزير لأنهم ليسوا أهل كتاب ولا يعدهم أتباع له ... والله أعلم ... والحمد لله رب العالمين .
اسلامى,شرح,ادب,ابداع,منوعات,اسلامية,
الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب,الزواج من أهل الكتاب
from منتديات الإسلام اليوم http://ift.tt/1BoOpvz
via موقع الاسلام
from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/1EVftIs
via IFTTT

0 comments:
Post a Comment