Home » , » 3lislam اللا أدرية (4) الاسلام

3lislam اللا أدرية (4) الاسلام

Written By on Wednesday, 23 August 2017 |

اللا أدرية (4)

يقول بعض دعاة اللاأدرية: طبقًا لتجاربنا العلمية المتكررة قد نخرج بحقيقة أن العالم المادي حقيقي، لكن ما المانع أن تكون معرفتنا نسبية -لا يمكننا التأكد من صحّتها-؟

بدايةً: الذي يتخذ النسبية منهجاً له هو يعتبرها حقيقة مطلقة، فوقع في التناقض الذاتي، وهدَم نسبيته ولا أدريته بنفسه قبل التعرض لها!
فعندما تفترض أنه يمكنك أن تعلم أُمورًا كافية عن الواقع بحيث تؤكد أنه لاشيء يمكن معرفته عن الواقع، فهذه قمة التناقض.
إذ ليس من الممكن أن نعرف الفرق بين النسبي والمطلق دون أن نعرف قدرًا كافيًا عنهما لكي نُميز الفرق بينهما، فعندما نُصنِّف معرفتنا أنها نسبية، ثم إن هذه النسبية تقرر أن الخارجي –العالم المادي- حقيقي بناءً على صحة تجاربنا العلمية، والداخلي الذهني نسبي. فهذا التقرير لا يصدر عن عاقل، لأنه حين يصدر منه فهو كاذب، وإلا فكيف يعرف أن الخارجي مُطلق في حين أن معرفته تلك نسبية ؟

وبعبارةٍ أُخرى يُمكننا أن نقول: بدون أن تكون المعرفة البشرية لها قيمة موضوعية لما تطابقت معها أي عبارة !
أليس كذلك؟

فعندما يقرر اللاأدري أن المعرفة البشرية نسبية فهذا معناه أنه يحدد خطًا لا يمكن عبوره لهذه الحدود، لكن لا يستطيع الإنسان أن يرسم مثل تلك الحدود بدون أن يتجاوزها ويعرف ما ورائها.

إنه من المستحيل أن نُجاهد في تقرير أن هناك حدًا أو خطًا بين النسبي والموضوعي، بدون أن يتلامس الفرد ببعض المسافة مع الجانب الآخر، وإلا لأصبحت عبارته خاطئة وبلا معنى وغير جدّية.
فكيف يُمكن للإنسان أن يُفرق ما بين النسبي والموضوعي إلا إذا عرف مقدمًا كليهما لكي يُجري هذه المقارنة .

وكما يقول أوغسطينوس : "كُل من يشك يعلم أنه يشك، وهو على وعيٍ كاملٍ بهذه الحقيقة على الأقل، وتحديدًا أنه يشك، لذلك فإن كُل مَن يشك فإن قُدرته على الشك سوف تُقنعه بأن هناك شيئًا ما يُسمى حقيقة ." -1-
وخُلاصة ما في الأمر: أننا عندما نَقول أن الحقيقة المعرفية هي أنه لا توجد حقيقة معرفية، فهذا أمر افتراضي ترفيهي يصلح للعبث العقلي فحسب، لأنه إذا كانت هذه الجُملة صحيحة فإنها غير حقيقية!
وبذا تصبح النسبية شيء ذاتي الهدم، سفسطي، خرافي، وهمي، لا وجود له.

لكن قد يقول اللاأدري: حسنًا؛ لكن ألسنا نرصد الواقع بصورة مختلفة عنه في حقيقته؟
أليس الصوت مثلاً في حقيقته ليس أكثر من موجات لها ترددات مختلفة تتحول في آذاننا إلى أصواتٍ مميزة؟

بدايةً: رصدنا العقلي للوجود المادي هو رصد موضوعي سليم، ولا أقصد برصد موضوعي أنه مطابق للخارج من حيث هو خارج، وإلا لصار العقل مجرد مرآةٍ عاكسةٍ، فالأصوات كونها مجرد موجات لا يعني أنها نسبية، ولا يعني أنها ليس لها معنى.

ثم إن كون العقل يرصد هذه الموجات كأصواتٍ مميزةٍ لها قيمةٍ ومعنىً بحسب التردد والشدة، فإن هذا له دلالةٍ خطيرةٍ؛ وهي أن العالم حولنا يتحول إلى حقيقة مرصودة لها معنىً حين يحضر في أذهاننا ووعيْنا، ويتخلى عن معناه إذا غِبنا عنه، وبالتالي فهذا يُحّرِّر بديهة أن يكون هناك خالق–سبحانه- أحضر الكون بهذه الصورة إلى أذهاننا، وجعل الكون مجرد شيء ظاهري لا قيمة حقيقية له في ذاته- إذ لا قيمة لموجة الضوء ولا لموجة الصوت في ذاتهما ، ولا قيمة للطعم ولا للشكل ولا لأي شيءٍ في ذاته-.
وكأن بالفعل كل ما حولنا مُسخرٌ كُلياً لوجودنا ووعينا بوجوده، ونصير نحن مركز هذا الوجود فعلياً، ومركز تسخيره وقيمته، ولا تصبح له قيمة في ذاته أو معنىً في ذاته، وهذا يؤكد السبق القرآني المعجز أنَّ الحياة الدنيا مجردُ وجود غروري ظاهري لا أكثر {وغرتكم الحياة الدنيا } (الجاثية35).

فكل ما حولنا مُسخرٌ لنا ولا معنى له بدون وجودنا {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (١٢) وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون } سورة النحل.

فالحياة الدنيا مجردُ وجودٍ ظاهري قِشري لا قيمة له في حقيقته {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون} (الروم7) .
بالله عليك أيها اللاأدري لو كنت منصفًا في تحّري الحق بسؤالك هذا؛أليس يقودك الآن إلى الإيمان؟
بالله عليك لو كنت منصفًا وكنت بالفعل ترى كل ما حولك لا معنى له بدون الإنسان، ألا يقودك هذا فورًا إلا تحرير حقيقة وجودنا؟
إذن معرفة حقيقة العالم المادي من حولنا تقود إلى الإيمان، وتقود إلى حقيقة معنى وجودنا المستقل والغائي والذي يحمل القيمة والمعنى للإنسان!

إن النسبية المعرفية اللاأدرية وهم فارغ؛ فللأشياء حقيقتها الموضوعية الخارجية المستقلة، وللأشياء رصدها الحقيقي الموضوعي الداخلي المستقل أيضًا، فنحن نعرف أن اللون مجرد موجات، نعرف أنه في الخارج الموضوعي مجرد موجات، ونعرف أن رصدنا له هو لونٌ مميزٌ له معنىً، إذن الحقيقة موجودة وليست نسبية، لكن تباينها في حقيقتها عن رصدها لا علاقة لهذا التباين بالنسبية، ولذا كان مدخل الشيطان على اللاأدرية من هذه الجهة فاللاأدري يظن أن التباين بين الرصد والشيء في حقيقته هو نسبية وهذا خطأ شديد وخطل شيطاني غريب!
إذ لو كان الأمر كذلك ما عرفنا الأشياء في حقيقتها، وما عرفنا أن اللون موجة والصوت موجة.

إذن نكرر مرةً أُخرى لمزيد بيان: الأشياء الخارجة لها وجود موضوعي مستقل، والرصد الذهني العقلي البدني هو رصد موضوعي مستقل قد يخالف الهيئة التي تبدو عليها الأشياء في حقيقتها لأن العقل ليس مرآةً عاكسةً، وإنما العقل يعطي للأشياء معناها ولذا فهو هبة الله للإنسان وهو مناط التكليف، ولا معنى للبدن بدون العقل، فبه ندرك الأشياء بمعناها لا بحقيقتها الغرورية الظاهرية التي بلا معنىً، والتي هي في لامعناها لها وجود موضوعي نحترمه ونرصده لو أردنا أن نرصده فنحن نعرف طول الموجة الضوئية بالضبط ومعامل الانكسار وزاوية الانكسار!

حين سأل المذيع جون فريمان John Freeman كارل يونج Carl Jung عملاق علم النفس التحليلي هل تصدق وجود الإله، قال يونج: " أنا لا اُصدق، بل أعرف." -2-
فمن ذاق روعة ذاته وروعة الخلق؛ عرِف.
والعالم المادي الخارجي لو كان بغير الهيئة التي هو عليها ما كنا هنا لنتأمله أو لنعرفه فضلاً عن أن نتذوق معناه، فهو مصنوعٌ بمعايرةٍ دقيقةٍ للغاية Fine-tuned . -3-

فالعالم حولك هو عالمٌ إنسانيٌ Anthropic بامتياز، لأنه يعني العقل الإنساني ويشد انتباهه، وما تشهده في هذا العالم يقذف في روعك معاني العظمة والجلال والجمال والإشراقات المهيبة، ولذا يقول جيروم كارل Jerome Karle الحائز على نوبل في الكيمياء" مفهوم الإله هو خلاصة أسمى خبرة يمكن أن يتصورها الإنسان في وجوده." -4-

إن العالم هو عالمك أنت، وكل ما حولك مُسخرٌ لك أنت، وهو في ذاته ينتظرك أنت لتفهمه ولتعلمه ولتتدبره!
هل تحتاج إلى دليلٍ آخر على غائية وجودك؟ هل تحتاج دليلاً آخر على كونك أنت المقصود؟
أنك أنت المعنيّ بالقضية كلها؟

إن تحرير ما نحن بصدده هو رؤية رومانسية للعالم، يتجه نحوها العلم الآن بشدة. -5-

هذه الرؤية الرومانسية للعالم لم يستوعبها أصحاب الوضعية المنطقية logical positivism ، الذين حرروا رؤيتهم للعالم طبقًا لمركزية كل شيءٍ في العالم، فوجدوا أنه لا شيء له معنىً في ذاته، فانهار منهجهم كما حرّرنا من قبل. -6-
وظهرت على أعتاب الانهيار رومانسية العلم التي تقضي على كل آمال الماديين الذين يريدون أن يكون الإنسان شيئًا بين الأشياء!

هوامش المقال
1- Evidence That Demands a Verdict, Josh McDowell
2- https://www.youtube.com/watch?v=FPGMWF7kU_8
3- الكون مُعد بعناية فائقة كما يقول الفيزيائيون فقد ظهر الكون إلى الوجود بمعايرة دقيقة لآلاف الثوابت الفيزيائية والطبيعية، والتي لو اختل ثابت منها بمقدار جزء من مليار مليار مليار جزء لاختل الكون قبل أن يبدأ أو لتوقف عند مرحلة البيضة الكونية cosmic egg .
4- jerome karle quotes
5- تُراجع أبحاث عالم الفيزياء ليونارد سسكيند Leonard Susskind أبو نظرية الأوتار الفائقة وأستاذ الفيزياء النظرية بجامعة ستافورد، في أعماله بشأن المبدأ الهولوغرامي للكون Holographic principle .
6- يُراجع مقال: الإلحاد يُسمم العلوم.

 



الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام

اللا أدرية (4), اللا أدرية (4), اللا أدرية (4), اللا أدرية (4), اللا أدرية (4)

المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2xuNQEq
via موقع الاسلام

from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2w5TVaO
via IFTTT

0 comments:

Post a Comment

Total Pageviews

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات

العاب بنات
Powered by Blogger.

Search This Blog