3lislam اللاأدرية؛ أزمة عقل (3) الاسلام
Written By on Wednesday, 22 February 2017 |
تحدثنا فيما سبق عن سخافة المقدمة اللاأدرية، وخطأ إسقاط الخبرة البشرية، أيضًا فصّلنا في الحديث عن مدى قوة واستقلالية أدلة وبراهين الإيمان.
ومدى اعتماد هذه البراهين على أدلة عقلية صحيحة وسليمة تركن في أغلبها لصِبغةٍ فطرية ومقدماتٍ استدلالية.
لكن هنا قد يتقافز لاأدري ويقول: كيف سلَّمنّا من الأساس بصحة مقدماتِنا العقلية الاستدلالية؟
لماذا لا تكون هذه المقدمات بنتائجها مجرد وهمٍ كبير؟
لماذا لا تكون سرابًا خادعًا؟
ألسنا إلى اليوم نعجز عن حل معضلاتٍ فيزيائيةٍ كثيرة؟
ألسنا عاجزين عن الجمع بين فيزياء النسبية وفيزياء الكم؟
وللرد على ذلك نقول: في واقع الأمر هنا اللاأدري لابد أن يعي أن عملياتنا العقلية تعكس شيئًا ما عن العالم المادي الذي نسكنه فهي صحيحة.
ولذلك أحكامنا ناجحة جدًا وتنبؤاتها صحيحة، وأعطت نتائج جيدة!
والبحوث العلمية تحتوي على قدرٍ كبيرٍ من الدقة لأنها ترتبط بواقعٍ مادي، يثبت أننا نسير في الاتجاه الصحيح، لكن الأهم من ذلك أن عقولنا ترصد كل ذلك وتحلله وتتوقع النتائج.
من أجل هذا فلنا الحق كاملاً أن نثق في أحكام عقولنا.
فالعقل استنتج قوانين سقوط الأجسام –قوانين نيوتن الثلاثة Newton's Laws - وحين قمنا بتطبيقها جائت النتائج صحيحة تمامًا.-1-
وأيضًا صدقت تنبؤاتنا واستطاع أينشتاين أن يُدخل بعض التعديلات على قوانين نيوتن في السرعات الأعلى وجائت نتائجه مبهرة وعلى قدرٍ مدهشٍ من الدقة والضبط، بما يعطينا ثقة أعلى في أن أحكام عقولنا ليست وهم فارغ أو سراب خادع! -2-
والعلم نفسه مؤسَس على أمل أن العالم عقلاني –مستوعَب عقليًا the rationality of the universe–في جميع مناحيه المشهودة ولم تنخرم هذه القاعدة حتى الساعة، وفي الفيزياء النووية وفيزياء الأفلاك ظلت قدراتنا العقلية غير خادعة بالمرة، بل هي ثابتة ومتزنة وتعطي أحكامًا لها طابع الوثوقية العالية.
وليس معنى عدم استيعاب عقولنا لأشياء مثل توحيد فيزياء النسبية مع ميكانيك الكم –يأمل العلماء أن تتوحد النسبية لأينشتاين مع ميكانيك الكم في نظرية شاملة تأتي على القوى الأربع الكبرى TOA – ليس معنى ذلك أي تشكيكٍ في قيمة عقولنا فلا يعني ما لم نصل إليه افتقاده للمعقولية!
وإنما يعني طبيعتنا البشرية القاصرة لا أكثر. وهذا لا يُخرج العقل عن مصداقية أحكامه!
فلا يعني عدم مقدرة الآلة الحاسبة جمع أرقام تزيد على عشرة أرقام خطأ ما تتوصل إليه وإنما طبيعة تصميمها لا يتيح لها إلا هذا القدر من المعلومة وما فوق ذلك يتجاوز مقدرتها، ولا يُشكك هذا التجاوز في معطياتها، لأن كل معطياتها –العمليات الحسابية - بالتطبيق المادي سليمة وتنبؤاتها صحيحة.
أضف إلى ذلك أن قانون المربع المقلوب للقوة الكهربية تم إثباته دائمًا –وفرق الجهد الكهربي بين نقطتين يظل ثابتًا: فعندما تنتقل شحنة كهربية بين نقطتين مقدارها واحد كولوم Coulomb فإن الشغل المبذول يكون واحد جول Joule-. -3-
وهذه محاكمة استقرائية ناجحة تمامًا وهي أساس نجاح العلم ذاته!
فالعلم يقوم على إمكانية الاعتماد على الطبيعة من خلال محاكمة استقرائية عقلية مسبقة، توفر قناعة أن المربع المقلوب للقوة الكهربية سيظل ثابتًا في التجربة التالية، وبالتالي فالحكم العقلي سليم!
فالزعم بأن الكون عقلاني مرتبط بحقيقة أنه منظم، ومرتبط أكثر بحقيقة صحة مقدماتنا العقلية!
والتشابك المنضبط للأحداث –مثل ظهور الملح والماء عند الخلط بين الحامض والقاعدي- يمدنا بانتظام بتأكيد صحة مقدمتنا العقلية عن السببية!
فالسببية هي أحد مظاهر النظام العقلاني للعالم، وجميع الأحداث التي نرصدها تدور في إطار سبب ونتيجة!
فأصل العلم التجريبي يقوم على أن: القوانين التي تحكم العالم ليست عديمة المعنى بل تسير وفق أنساقٍ مبهرة يمكن التنبؤ بها واستنباطها واستيعابها.
وبالتالي فأحكامنا لها وثوقية عالية!
ويؤكد الدين أيضًا على هذه الحقيقة، فأصل الدين على أن كل ظواهر الكون وقوانينه منضبطة ولها هدف وغاية، وليست عبثًا {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار} (٢٧) سورة ص.
وألف باء علم تجريبي أن قوانين الكون مُفصّلة تفصيلاً {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا} (١٢) سورة الإسراء.
فالزعم بأن مقدماتنا العقلية قد تكون وهم خادع، هو زعم خيالي يناقض ألف باء علم وعقل ومنطق!
فهو زعم ناتج عن خيال. والخيال مجاني، ولا حِكر على الأوهام، وهنا فقط تركض اللاأدرية وترتع حيث الأوهام والخيالات التي لا حصر لها.
فالعقل ينفتح على ما لا حصر له من الإيرادات والتوهمات والخيالات والحقائق والهلاوس.
ويبقى معيار التمييز بين الحقائق والهلاوس محايثًا –مرتبطاً ب- لأول احتكاك بالعالم المادي وبسننه التي تُسقط كل هلاوس اللاأدرية!
ومن عجيب ما يُذكر هنا: أن التشكيك في صحة معطيات العقل هو مرض عصابي يُسمى: مرض اعتلال الذاكرة المتكررReduplicative Paramnesia .-4-
ومرض اعتلال الذاكرة المتكرر هو خلل عصابي يطابق الحالة اللاأدرية في كونه مرتبط بخلل معرفة الواقع –نسبية المقدمات العقلية - كأحد عوارضه الأساسية.
فسبحان مَن جعل من الكفر داءًا ومن الإيمان شفاءًا ورِيّا.
إذن اللاأدرية خلل عصابي وهلاوس عقلية وليست وظيفة مخيّة سليمة، فهي عقيدة مرضية تستوجب العلاج.
هوامش المقال
-----------------------
1- http://ift.tt/1oYultE
2- http://ift.tt/1qL1Ty7
3- http://ift.tt/2ma8lVe
4- http://ift.tt/2ckUxAR
الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام
اللاأدرية؛ أزمة عقل (3), اللاأدرية؛ أزمة عقل (3), اللاأدرية؛ أزمة عقل (3), اللاأدرية؛ أزمة عقل (3), اللاأدرية؛ أزمة عقل (3)
المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2ma7iET
via موقع الاسلام
from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2kOGhGO
via IFTTT
0 comments:
Post a Comment