3lislam الإلحاد والولاء للغرب الاسلام
Written By on Saturday, 24 September 2016 |
يعرف الجيل المعاصر في أمتنا اعتناق عديدٍ من العرب لمذاهب فكريّة أسست في ظروفٍ تاريخيّةٍ معيّنةٍ وحقبٍ مغايرةٍ في أوروبا، حيث ظهرت العَلمانيّة والمدارس الإلحاديّة واللادينيّة كما اللاأدريّة، كردّ فعلٍ ضد المسيحيّة وهيمنة الباباوات والأساقفة على ثروات تلك البلدان مما ساهمَ في تخلّفها وطغيان حالاتٍ من التذمر بين طبقات المجتمع، خاصّةً طبقة الفقراء والعمّال، ولما استقرّ الأمر عندهم، وقاموا بنهضتهم وتقوية بلدانهم، دشّنوا كعادة الإمبراطوريّات الغربيّة حركات هيمنة وغزوٍ شاملةٍ، كانت نصيب الأمّة فيها نصيب الأسد؛ فجاءت موجات الاستعمار المختلفةِ التي امتدّت من المحيط حتى الخليج! وعانت الأمّة من ويلات هذا الاستعمار، حتى أصبحت دولاً متخلّفة عن ركاب الحضارات، فكان أن نتائج أكثر من ألف وأربعمائة عامٍ من التقدّم والريادة، هُدمت في تلك الحقبة الإستعماريّة الرهيبة؛ فانطلقت موجات المقاومة والجهاد، لتخوض الأمّة معركة تحرير نفسها من سطوة المستعمر. -1-
لكن تفتقت ذهنيّة المستعمر إلى دهاءٍ سياسيٍّ كبيرٍ، فتحت وقع ضربات المقاومة العسكريّة، وتكبد الخسائر البشريّة والاقتصاديّة، تمّ الانتقال من الاستعمار العسكري، إلى مرحلة الاستعمار الفكريّ الثقافي؛ فعوض أن تتحقق مصالح الإمبرياليّة الغربية impérialisme occidental -2- عن طريق الجنود؛ سوف تتحقّق طوعاً عن طريق الاستعمار الثقافيّ؛ فخرج الاستعمار من الباب ثم دخل من النافذة ! فخلّف نخباً تأتمر بأمره، وتخوض حروبه بالوكالة، وتشكّل أداة استقطابٍ لهذا المشروع، وضغطٍ على الحكومات، فتشكّلت عدّة أحزابٍ ذات مرجعيّةٍ إلحاديّةٍ عَلمانيّةٍ، وحركاتٍ اجتماعيّةً حقوقيّة منها ما يخفي إلحاده ويدّعي الإسلام؛ ومنها من يجهر بذلك على العامّ !
فحقّق الغربُ لهؤلاء نوعاً من الحصانة وعدم المسائلة من طرف القوانين الحاكمة في الدول الإسلاميّة، بغية نشر هذا الفكر، وتلك الأهداف؛ مستخدما عدة أساليب للضغط وابتزاز مختلف الحكومات الحاكمة.
وغرضي في هذا المقال ليس إبراز هاته الوسائل السياسيّة، والأساليب الاستعماريّة؛ بقدر ما أنا مهتمّ بتبصيرك أيها الملحد بكونك أداةً يخدم هذا المشروع دون علمك، ودون معرفتك، حتى استطاع الغرب أن يقيم بينك وبين تراث أجدادك قطيعةً معرفيّة، وعداوةً لدينك ودين أقربائك وأحبائك !
فاستغلوا جهلك ونظّموا الحملات ضدّ ما دنتَ به سابقاً، لينفّروك عنه، ويرسخوا في نفسك كرهاً له، حتى تنشط في عداوته، وتمرّره لمن حولك، لأنّك توهّمت فيه الصلاح والخير، وفي حقيقته ماهو إلا شرّ مهلك ! فأصبح لديكَ تقليدٌ أعمىً لهذا الآخر الغربيّ، تدين بما يقوله من أفكار، وما ينتجه من مذاهبَ؛ رسّخها قبلا في اللاشعور inconscient عندك، وذلك عبر تصديره لك أنواعاً من الأغاني الطربيّة الغربيّة التي تمجّد الحياة عندهم، وأسلوب فهمهم، كما أفلامهم والتي يظهر فيها البطل غالباً ملحداً لا يدين بدين العامّة، ويزدريه كمعتقدٍ للرعاع ! فكان أن تكوّن عندك قبل اهتمامك بجانب المذاهب الفكريّة، محبّةٌ قبليّةٌ لأسلوب الحياة هذه بكافّة معتقداتها وإيديولوجيّاتها؛ فسهل عليهم حينها، أن يزخرفوا لك القول، عبر حملةٍ استشراقيّةٍ تطعن في الدين؛ وتلصق به الافتراءات والأكاذيب؛ بشكل يضفي نوعاً من العِلميّة المتوهّمة، والمنطقيّة الغير سويّة ! فوقعتَ في عين ما حذّر منه نبيك السابق صلى الله عليه وسلّم الذي قال : (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه ) متّفق عليه.
أي ستستنّ بآخر سلوكاتِ الغرب، وتتبع آخر صيحاتهم، حتى لو كانت الموضة تقول بدخول جحر ضبّ منتنٍ لدخله كثيرٌ من الناس عندنا، بل وفي رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : ( مثل حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتى مثله .. ) رواه الحاكم في المستدرك.
فصدقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو حديثٌ يبرز حجم الاستلاب aliénation الذي سيكون في الأمة في عصرٍ من العصور، وفعلاً أصبحنا نرى ألبسةً عاريةً تقليداً للغرب، وبدأنا نسمع عن حركات للشذوذ داخل الأمة لم تعهدها من قبل، ووصلت الأمور إلى حدّ عبادة الشيطانِ تقليداً لمغنّ أو فويسقٍ لا يدين بدين ولا ملّةٍ، وتلك تنفخ صدرها أو شفتيها حتى تصبحان كإسفنجٍ يطمس ذاك الجمال الربانيّ، فتتحول من الأحسن إلى الأسوء تقليداً لتلك الممثّلة ! وذاك يشمُ يده تقليداً للاعب كرة قدمٍ، والآخر يعاقر الخمور، ويعتبرها رمزاً للاحتفال كما الغرب، بل وصل الأمر أننا نحتفل باحتفالاتهم الدينيّة، ونفرح بها !
بل ورسخوا في النّاس ليس كره دينهم فحسب، بل وكره لغتهم التي يتكلّمون بها، وتقاليدهم بل ومجتمعهم ككلّ، وأصبحت علامة التقدّم قاصرة على من يتحدّث الفرنسيّة أو الانجليزيّة مع أهل بيته، ويربي أبناءه في كنفها، بل ويدخل أولاده إلى تلك المدارس الأجنبيّة التي لا تدرسّ الناس ديناً ولا لغةً عربيّة، حتى يصبح الرجل حاملاً لدم العرب، ويعيش معهم ولا يستطيع قراءة صحيفة بلغتهم، ولا فقرةً في إعلاناتهم ! فأصبح الإنسان يدين بأفكارٍ وسلوكاتٍ وضعت في بيئات غير إسلامية أبداً، ولا يمكن أن تناسب البيئة الإسلامية، ولا يمكن أن تنجح في بيئة إسلامية! وبدأ الإنسان الملحد يتردّى مع الإنسان الغربي في جهلياته، إلى أشبه ببهيميّةٍ مغلّفةٍ بصبغةٍ بشريّة، حتى بدأت تعتقد أن من نسلِ قردٍ متطورٍ، ولك سلفٌ مشترك معه وأنه من أبناء العمومة ! حتى نظم الزهاوي في رباعيته قوله :
ما نحن إلا أقردٌ من نسل قردٍ هالك
فخر لنا ارتقاؤنا في سلم المدارك !
فكان هذا وكلّه، سبباً أيها الملحدُ لكي تكون ولاءً للغرب سواءٌ تدري بها أو لا تدري، حتى أصبح عندك استعدادٌ نفسيٌّ لتبرّر غزو عدد من البلدان الإسلاميّة تحت شعار " نشر الديمقراطيّة" و " التحرير" فأصبحتَ عدوّاً لمن هم من لحمك ودمك، في سبيل نصرة الآخر الغربيّ ! ونفّروك إلى درجة أنك لم تعد تستسيغ مطالعة مقالٍ على موقعٍ إسلاميّ، أو حتى قراءةَ كتابٍ ينقض تلك الأفكار الإلحاديّة التي تعتنقها، فإن كان هذا حالك فكيف السبيل إلى رجوعك ؟ وإلى توسعة مداركك ؟ وكيف سيؤثر كل ذلك في مسيرة بحثك عن الحق ؟
فانفض رعاك الله ذاك الغبار الهلاميّ الذي يقيّدك من كل جانبٍ، وأقبل على إخوتك، فهم يريدون لك الخير، وكيف نريد شرّاً بمن يتنفّس هواءنا، ويقطن جاراً لنا، نلتقيه في الطرقات، ونفرح لفرحه، ونحزن لحزنه ؟
إننا لسنا أعداءً لك أيها الملحد كما يسوقه لك فلانٌ أو علاّن، ولا نريد لك الشقاء والتّعاسة، والهلاك والدّمار، بل لا ننظم لك المقالات، ونفتح لك المنتديات إلا بغرض إعانتك على تحريرك من مختلف الاستصنامات المعاصرة التي تكبت فطرتك، وتعصف بعقلك. فماذا تنتظر ؟ فأقبل على الله تفز .
هوامش المقال
-1- للوقوف على نموذج من ذلك راجع تاريخ حركات المقاومة في المغرب والجزائر ومصر ..
-2- الإمبريالية هي إيديولوجيا سياسيّة، لها استراتيجيّة لتأسيس إمبراطوريّة عالميّة تتبنى نفس الفكر بغرض تحقيق هيمنةٍ على كل دول العالم .
الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام
الإلحاد والولاء للغرب, الإلحاد والولاء للغرب, الإلحاد والولاء للغرب, الإلحاد والولاء للغرب, الإلحاد والولاء للغرب
المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2dar6mH
via موقع الاسلام
from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2d8RWrx
via IFTTT
0 comments:
Post a Comment