3lislam الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة الاسلام
Written By on Monday, 11 December 2017 |
كثيرٌ هم الذين اختاروا المذاهب الفكريّة كمنهجٍ يعيشون في ظلّها، ويسلكون منهجها، ويعتقدون في أفكارها، بالرّغم من أن هاته المذاهب لا تُشبعُ ذاك التشوّف الإنساني في الاعتقاد في خالقٍ للكون والتديّن بدينه، والالتزام بتعاليمه، فيعيش هؤلاء في شكّ وحيرةٍ، لا يهنأ لهم بالٌ، ولا يطيب لهم عيشٌ، مصداقاً لقول الله تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا } ( طه: 124).
وهذه حقيقةٌ نفسيّةٌ قال بها الباحثون والمختصّون من مختلف الجنسيّات قد بينّاها في عددٍ من مقالاتنا على موقع إسلام ويب المبارك.
فيضطرّ الملحد Athée، كما اللادينيّ الربوبيّ déiste، كما اللاأدري agnostique، للّجوء إلى مجموعةٍ من المسكّناتِ تردّ عنه بعضاً من هذا الشكّ والضّنك، حتّى يستقيمَ له عيشٌ، كفرارٍ من نداءِ الفطرة، واشتياق النّفس.
ولكي يتحقّق له ذلك فإنه يلجأ إلى ميكانيزمٍ دفاعيٍّ يسمّى بالانغماس الشهواني immersion dans les désirs، حتى يتشاغلَ عن إجابة أسئلته الوجوديّة : " هذا اللغز الذي يستحث عقولنا : ما العالم ؟ ما الإنسان ؟ من أين جاءا ؟ من صنعهما ؟ من يدبرهما ؟ ما هدفهما ؟ كيف بدءا ؟ كيف ينتهيان ؟ ما الحياة ؟ ما الموت ؟ ما القانون الذي يجب أن يقود عقولنا في أثناء عبورنا في هذه الدنيا ؟ أي مستقبلٍ ينتظرنا بعد هذه الحياة ؟ هل يوجد شيء بعد هذه الحياة العابرة ؟ وما علاقتنا بهذا الخلود .. ؟ هذه الأسئلة لا توجد أمةٌ، ولا شعبٌ، ولا مجتمعٌ، إلا وضع لها حلولاً جيدةً أو رديئةً، مقبولةً أو سخيفةً، ثابتةً أو متحولةً" -1-
فلكي يهرب الشاكّ من كل هاته الأسئلةِ يضعُ برنامجاً لتضييع وقته في الملذّات والشهواتِ، لكي ينساهاَ ولو بشكلٍ مؤقّتٍ، فيحاول قدر الإمكان عدم ترك نفسه في عزلةٍ ووقتِ فراغٍ، بل يصاحب من هم في مثل شقائه وعقيدته، جلسةٌ خمريّةٌ هنا، وسفرٌ إلى هناك، مصاحبة هاته هنا، ومصاحبة تلك هناك ! فيصبح كائناً يعيش من أجل شرب الخمر واقتراف الزّنا، وتتبّع الشهوات، وإعمار وقته بالهواياتِ، يذوق فيها شتّى أنواع المسكرات والمخدّراتِ، يستمتعُ بتضييعِ ماله هنا وهناكَ، وحتّى لو جلسَ جلسةً لا خمر فيها ولا محرّماتٍ، استمتعَ بذكر الماضي والأزليّاتِ، وكم أضاع هنا وكم صاحب هناك، { يقول أهلكت مالا لبدا * أيحسب أن لم يره أحد } ( البلد : 6-7).
فيقعُ الضائع عن طريق الحقّ في روتينٍ يوميٍّ كلّ همّه أين سأسهر هاته الليلة، وماذا سأفعل فيها ؟! ويحسب المسكين أنّه بهذا البرنامج اليوميِّ يعيش حياةً سعيدةً، لا شقاءَ فيها ولا ضنكٍ، وهو يدرك تمامَ الإدراك بأنّه أرفعُ كإنسانٍ من أن يعيش حياةً بهيميّة فيها كلّ هذا الانحراف والإسراف ! أضاعَ تديّنه ومعتقده ولا يعلمُ أن الغيَّ موعده ! { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا } ( مريم : 59).
فاستغراقك أيها الملحد في الشهواتِ لن يغيّر من الواقع شيئاً، ولن ينفي وجود الله وإن كنت لا تعتقد بوجوده، ولن تتفلّت من يوم الحساب وإن كنت تعتقد بعدم وجوده ! فالنّعامة وإن وضعت رأسها تحت التراب حتّى لا ترى الخطر القادم، لن يشفع لها عدم رؤيته من واقع وجوده ! فأنتَ اتخذت من هواكَ إلهاً وطاغوتاً تعبده بمعاصيك وتركتَ خالقك ورسالته { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليها وكيلا } ( الفرقان :43).
إنّك تعيشُ في تسويفٍ دائمٍ وتتمنّى أمانٍ كاذبةٍ والعمر أمامك يمضي في كل ثانيةٍ تقتربُ من لقاءِ الموتِ، وما أدراك ما الموتُ، هادم اللذّات، ومرعب الفلاسفة، يومَ ترىَ عملك وعقيدتك لا تساوي شيئاً في مجموع اختبارك، فتكون من الفاشلين الرّاسبين، ولا فرصة أمامك لاستعطافٍ حتى تردّ إلى الدنيا وتستدرك ما فاتك : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون } ( السجدة : 12 )، حينها لن ينفعك ندمك ولا استعطافك، بل سيجيبك خالقك : { فذوقوا بما نسيتم لقاء يومك هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون } ( السجدة : 14).
وما الانغماس الشهواني الذي تعيشه إلا نسيانٌ لمثل هذا اليوم الحسابيّ، فاختر، إما أن تكون ممن سيساق إلى الجنة ويقال له ادخلها بسلام { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتهم فادخلوها خالدين } ( الزمر : 73) فتكون ممن سيقول : {.. الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور * الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب } ( فاطر :34-35)، أو ممن سيساق إلى جهنّم في أفواجٍ : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } ( الزمر : 71 ) فتكون ممن سيصرخ : { وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير } ( فاطر : 37).
فأنت الآن بين صورتين، لم ينفذ الوقت ولم يحن حسابك بعد، فاختر، إما الصورة الأولى حيث تنفض عنك غبار الشك والإلحاد وتقبل على الله وترتقي في معارج السلوك والإيمان، أو تظلّ تحت براثن الشيطان وآلية الانغماس الشهواني هذه فتكون من أصحاب الصورة الثانية.
هوامش المقال
-1- بارتلمي سانت هيلير BARTHELEMY SAINT-HILAIRE مقالة " الميتافيزيقا " منشور في المجلة الفلسفية الفرنسية بتاريخ فبراير 1880 م.
الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام
الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة, الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة, الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة, الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة, الميكانيزمات النفسية الدفاعية كصوارف عن الحق ..الانغماس في الشهوة
المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2BVBZRY
via موقع الاسلام
from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2iUv30e
via IFTTT
0 comments:
Post a Comment