3lislam أنانيّة الفكر الإلحادي الاسلام
Written By on Saturday, 15 October 2016 |
كثيرةٌ هي الدراسات التي تناولت الفكر الإلحادي بالنقد أو التعريف، لكن قليلةٌ منها تلك التي عُنيت بتتبّع التسريبات النفسيّة في هذا الفكر المتهافت، فالأغلبُ تتبع هذا الفكر في تطوره التاريخي، وعوامله المجتمعيّة التي خرّجته إلى الواقع، لكن نادراً ما قام باحثٌ بتحليل نفسيّاتِ أباطرته، وكيفَ أثّرت على قناعاتهم وتحليلاتهم !
وهو خطأٌ منهجيٌّ كبيرٌ في هذا الصّدد، لثبوت البعد النفسيّ في الإلحاد كردّ فعلٍ على معارضة الدين النصرانيّ من جهة، وعلى عدم استطاعة الملحد على تحقيق التكيّف النفسي، والتأقلم الوجوديّ في مسيرته الحياتيّة، والفكريّة من جهة ثانية، حسب دراستي لعيّنةٍ من الملحدين، بغية الوقوف على سيكولوجيّتهم -1- فخلصتُ إلى نتيجتين مبدئيتين أساسيتين هما :
1- غالبية العينة المدروسة أقرت بأن موقفهم الإلحادي كان نتيجة مشاكل حياتيّة خاضوها في حقبةٍ من حقب حياتهم .
2- ألحدوا في مراحلَ عمرية متقدّمة تتراوح بين سنّ المراهقة والشباب .
فالنتيجة الأولى تدلّ على خللٍ وجوديّ في التكيّف النفسي مع بعض المشاكل التي عانوها، وكان موقفهم كنتيجةٍ توّهموها في نفي وجود الخالق وأن الحياة بما أنها تحمل صعوباتٍ وابتلاءاتٍ إذن فلا وجود للخالق !
والنتيجة الثانيّةُ تعكس قلّة خبرتهم في تلك المراحل العمريّة المبكرّة، وبالتالي خللٌ في تصوّر ماهية الحياة الدنيا .
* أبرز تجليات الأنانيّة في الفكر الإلحادي :
فالموقف الإلحاديّ في إنكار وجود الله هو أول موقفٍ أنانيّ في هذا الفكر، فقد اتفقوا على عدم وجود أدلة تنفي وجود الخالق سبحانه وتعالى، وأغمضوا عيونهم وجازفوا بإنكارهم لعدم وجود أدلةٍ تثبت وجوده، فكان الأحرى والأولى أن يكونوا على منهج اللاأدرية l'agnosticisme فيتوقفوا في الإعتقادِ فلا هم يؤمنون ولا هم ينكرون، لكنّ نظرا لهاته الأنانية في نصرة هواهم قرروا عدم الإيمان به ونفيه دونما دليلٍ قاطعٍ، أو برهانٍ ساطع !
ومن تجليّات هاته الأنانية أيضا أن الإلحاد يغمض عينينه عن كل الأدلة العقلية والعلمية والفطرية على وجود الله تعالى ويدّعي عدم وجود أدلة لإثبات وجوده . كمبدأ السببية ودليل الحدوث، ودليل الفطرة، ودليل الخلق على وجود الخالق، ودليل العناية، ودليل الإتقان، ودليل التسخير، إضافة إلى مجمل الأدلة الكلامية في هذا الباب، وكذا الأدلة الفلسفية، والأدلة الأنطولوجية وغيرها من المئات من الحجج والبراهين العلمية !-2-
بل بلغت بهم الوقاحة والأنانيّة مبلغاً لكي يقرر أحد زعمائهم عدم استبعاده لكون الحياة على الأرض قد صممت من طرف حضارة أكثر تطورا وهو يقصد كائناتٍ فضائيّةٍ أسمى ! -3-
فليت شعري هل توجد أنانيّةٌ أكبر من هذه ؟ أن ينفي الملحد أن العالم مخلوق من طرف الله تعالى، ولا يستبعد أنه مصمم ومخلوق من طرف كائناتٍ فضائيّة ؟
وأيضاً من تجلّيات ذاك الشعور الأنانيّ أن الملحدَ عدميٌّ في رؤيته للكون والحياة، ساقط في أزمة المعنى البئيسة La crise de sens ، والتي تسبب له شقاءً وعدم تذوق لسعادة الحياة، باتفاق الفلاسفة المعاصرين وعامّة النفس، لكن من أنانيّتهم دخولهم لمواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الشبكيّة، محاولين تشكيك البشريّة في الدين، فهم يريدون جرّ البشريّة بأجمعها إلى تلك العدميّة المُهلكة، والبؤس الإلحادي والقيمي، فكان الأولى بهم لما جرّبوا أشواك الطريقة الإلحاديّة، وفي خضمّ معاناتهم الفكرية، وتيههم الوجودي، أن يتركوا أهل الأديان في سعادتهم، وإن كانت هاته السعادة في معتقدهم " سعادة متوهمة" فلن يضرّ المتديّن إن مات على دينه إن فعلاً صدق الملحد في زعمه النافي لوجود الإله !
لكنه المنطق الإبليسيّ المتحكّم في عقولهم، حيث لما كفر إبليس وتيقّن أنه داخلٌ للنار ولابدّ، كان من أنانيّته وتكبّره أن عاهد نفسه وأقسم أمام ربّ البريّة أن يضلّ الناس وأنه لن يتركهم لحالهم، تماماً كالكسول في القسم يحبّ لكلّ زملائه الفشل والشرّ !
وكذلك في ميدان الأخلاق، حيث تجد الملحد من أشدّ الناس عداوةً للفضيلة والأخلاق التي تدعو إليها الأديان، لأنّه ببساطةٍ يرى فيها تقييداً لحريّته هو داخل مجتمعه ! فإن كان وسط مجتمعٍ قائمٍ على الفضيلة والأخلاق الحسنة فإنّ ذلك سيشكّل له حاجزاً لكي لا يتمتّع بشهواته، فلو أحبّ الزنى فكيف السبيل إليه إن كانت فتيات مجتمعه متديّنات يعتبرن العلاقات الجنسية خارج مؤسّسة الزواج حراماً ؟ وإن أراد شرب الخمر فكيف السبيل لاقتنائه وتوفير أماكن لشربه، في ظلّ مجتمعٍ يجرّمه ويعتبره من خوارم الأخلاق والمروءة ؟
لهذا من أنانيّتهم التجمّع في منظمات سياسيّة ومجتمعيّة لمحاولة تغيير هذا الواقع الذي لا يخدمهم، ولا يلبي غرائزهم !
كما أن تلكَ الصّفة تتجلّى أيضاً في ضيق صدر الملحد بالخلاف، فهو لا يعترف بالتعدديّة الدينيّة والثقافيّة للمجتمعات، ويرى أن كل الأفكار التي لا تكون من منابع الإلحاد هي مجرّد تخلّف ورجعيّة، فيحقد على تلك القيم الدينيّة ويبارز مجتمعه بالعداء !
وهذه مجرّد أمثلة تجلّي لنا أنانيّة الفكر الإلحادي سواءٌ في أفكاره أو بنياته المنطقيّة، أو سلوكاته، فالإلحادُ هو مجرد ردّ فعلٍ محكومٍ بأنانيّةٍ وبرودة مقيتةٍ، كما قالت الفيلسوفة Madame de Staël وهي من رواد المذهب الرومانسي في الفلسفة: " الإلحاد لا يوجد إلا في البرودة، والأنانية، والوضاعة " -4-
أن تكون ملحدا : معناه أنك تؤمن بمعتقد باردٍ، لا يدفيء الروح، ولا يغذيها، بل يسبب في ألمها، فتصطك أسنانك وترتعد فرائصك من شدة البرودة تلك، تساؤلات متزاحمةٌ في رأسك، وفطرةٌ تناديك، ولا مجيب...
أن تكون ملحدا : معناه أنك تعتقد بمعتقد أنانيّ، ماديّ، فلا تهمك إلا نفسك وما بعدك الطوفان، لا تهمك إلا مصلحتك، ولا تعترف لا بأخلاق، ولا بخير، ولا بمساعدة، ولا يهمك أن تعيش وغيرك لا يعيش، رافعا شعار الماديّة " الدقيقة التي لا تعود علي بنفع ماديّ لا أحتاج عيشها، والسلوك الذي لا يحقق لي منفعةً لا أضيع وقتي بفعله"
أن تكون ملحداً : معناه أن تؤمن بالوضاعة في أعفن مظاهرها، لعّانٌ فاحش بذيء، تسبّ من خالفك وتصفه بأقذع الصفات، تحتقر الأديان ولا تبالي بمشاعر الأتباع، تسبّ مقدسات غيرك من البشر وتتمنى لو أن كل الأديان انقرضت بأتباعها " المتخلّفين"، لا يهمّك سوى إشباع غرائزك، بأي ثمن وغاية، والقوي عندك يأكل الضعيف،والقانون لا يحمي المغفّلين!
هوامش المقال
-1- أي حالتهم النفسيّة التي جعلتهم يختارون الإلحاد بالله تعالى .
-2- يمكن الوقوف على بعض هاته الأدلة في سلسة مقالاتنا بعنوان " العنقود في بيان الأدلة على واجب الوجود"، وأيضا سلسلة مقالات " أدلة وجود الله" للدكتور البشير عصام المراكشي، على إسلام ويب.
-3- ريتشارد داوكنز في مقطع من حواره هنا : https://www.youtube.com/watch?v=VtAADpRGQUg
-4- عن كتاب كورين أو إيطاليا، ص : 32، مرجع فرنسي .
الاسلام,اخبار,مقالات اسلامية,اسلام
أنانيّة الفكر الإلحادي, أنانيّة الفكر الإلحادي, أنانيّة الفكر الإلحادي, أنانيّة الفكر الإلحادي, أنانيّة الفكر الإلحادي
المصدرمحور المقالات - إسلام ويب http://ift.tt/2dXpfE3
via موقع الاسلام
from موقع الاسلام (رسالة الحق والسلام) http://ift.tt/2e4MtFc
via IFTTT
0 comments:
Post a Comment